توقَّف، بالله عليك توقَّف..
- رفقاً بعفَّتكِ التي هي سَمْتُ نفسك وأسرتك ومجتمعك.
- رفقاً بإيمانك الذي يستصرخ الطُّهر المتأصِّل في سويداءَ قلبك.
- رفقاً بعواطفك وشهواتك المتأجِّجة في نفسك الوادعة.
- رفقاً بنفسك الكريمة، وأحاسيسك المرهفة، ونبضاتُ قلبك المنهكة.
- رفقاً بأمَّتك التي تنتظر منك الكثير، رِفقاً، ورِفقاً، ورِفقاً.
ناشدتكَ الله أن تتوقف عن إذكاء نار الفتنة، والمعصية، والفحشاء والمنكر في مجتمعنا، بما تحمله في جوالك المحمول، أو جهاز حاسوبك، أو قنواتك الفضائية، من مقاطع جنسية، أو إنحرافات أخلاقية، أو تحرشات بهيمية، أو أغاني فاحشة، أو أفلام بذيئة، تُذكي سُعار الجنس وتُلهب المشاعر، تدمي القلب المؤمن وتؤسِّس لفجور وإنحراف، تقتل العفَّة في نفس العفيفة والحياء في شباب أمتنا المباركة، تَرَفَّق فأنت على ثغرة من ثغور ديننا الغالي، فإحذر أن يؤتى الإسلام من قِبَلَك.
* س. م طالب في المرحلة المتوسطة، وُجد في جواله خمسة وثلاثين مقطع جنسي، وما يزيد عن مائة وخمسين صورة فاضحة، جعلها مصدر توزيع لطلبة مدرسته، وميدان فرجة للراغبين أو حتى المتمنعين، ولتتفكَّر في نِتاج هذا الإنحراف السلوكي على المدى القصير والبعيد.
هذه المقاطع والأفلام -أخي الحبيب أختي الكريمة- ليست من ثوبك، ولا من سيما مجتمعك، إنَّها دخيلة عليك، إنها صناعة الشيطان الرجيم، وأعوانه اليهود المجرمين، ليسلبوا إيمانك، ويزعزعوا إستقامتك، ويدنِّسوا طهارتك، ويجرحوا عِفَّتك، فتنصرف عن الصراط المستقيم، إلى همزات الشياطين، وطريق العصاة المكذِّبين، إحذر أن تكون لقمة سائغة بأيديهم، وأداة لتحقيق مآربهم، فإن هذا من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وقد توعَّد الله هؤلاء بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ} [النور: 19].
* ع. ع تقول: لن أنسى ما حييت يوماً، كان تحولاً في حياتي، رسالة بلوتوث وصلتني من إحدى زميلاتي، فتحتها، رأيتُ فيها ما لم أره في حياتي، مقطع جنسي أضاع ديني ودنياي، لقد فقدت منذ رأيته معاني الحياء والعفاف وحلاوة الإيمان، سعار الشهوة يعصف بي صباح مساء، ورفيقات السوء أمسوا صويحباتي، ولولا لطف الله بي لكنت الآن ورقة رابحة في يد الشيطان الرجيم.
ويصدق ذلك ما جاء في إحدى الدراسات التي أجريت على 1200 فتاة، مابين سن 18 و25 عاماً، أظهرت النتيجة أن 22 % من الفتيات الطيبات وقعن ضحية البلوتوث إرسالاً، و88 % إستقبالا وتلقياً.
خذ قرارك الآن الآن، وإجعل من جهازك محطَّتها الأخيرة، لا تمنحها رخصة العبور، لا ترسلها إلى غيرك، فإن «من دعا إلى ضَلالَة كان عليه من الإثمِ مِثْلُ آثام من تَبِعَهُ، لا يَنْقُص ذلك من أوزارهم شيئا» رواه مسلم رحمه الله، إمسحها ولا تجعل الله أهون الناظرين إليك، {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا*وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح:13-14]، الأمر جد خطير، تأمل قول حبيبك صلى الله عليه وسلم: «لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء فيجعلها الله هباء منثورا» قال ثوبان: يا رسول الله! صفهم لنا جلهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال: «أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله انتهكوها» رواه ابن ماجه وصححه الألباني رحمهما الله.
* تأمل أخي، أختي ما يقوله هذا الأخ غفر الله له: أنا حاصلٌ على درجة الماجستير في الحاسب الآلي، ومع هذا كثيرة هي الجرائم التي حركتها يداي ومهدت لها وقبل ذلك نفذتها ونشرتها فهل يتوب الله علي؟ أنا من نشر مقاطع الأفلام الإباحية وصور الفتيات الغافلات بين الشباب أولاً والمنتديات ثانياً وفي القروبات آخراً، لقد تعمدت الإعتداء على حرمات الله وحدوده وكان الواجب عليَّ ألا أتابع الفضائح وأنشرها بين المنتديات، فلدي 20 ألف مسجل في المنتدى أتحمل ذنوبهم وسيئاتهم، رحماك ربي لم أقدر على ذنوبي لوحدي فكيف بذنوب غيري، لقد جاهرت بالمعصية وألقيت ثوب الحياء جانباً فأجرمت وأفسدت ولم أخف عقوبة الله ولم أستح منه فلئن روج التاجر المخدرات فأنا روجت الرذيلة والفساد عبر الإنترنت.
انجُ بنفسك، ولا يغرَّنكَ حلمُ الله عليك، {إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102]، وتذكر أن عينك اليوم هي عينك، لكنها غداً عدوك، وأذنك اليوم هي أذنك ولكنها غداً شاهدٌ عليك {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ*وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ) [فصلت:21-22].
إنني أضع بين يديك -أخي وأختي- همساتي:
•- الأولى/ إحفظ بصرك: يقول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:30–31].
إستجب لنداء مولاك، إحفظ بصرك عن الحرام، إحفظه لتحفظ إيمانك وقلبك، إحفظه حين النظر في القنوات الفضائية، إحفظه حين تصفحك الإنترنت، إحفظه حين ورود مقاطع بلوتوث إلى جوالك، إحفظه حين نظرك في الصحف والمجلات، بل وإحفظه حين ذهابك وإيابك في الطرقات، إحفظه فإنه غال، إنَّ النظرة المحرَّمة تستدعي أختها، وهي بريد نار الشهوة التي ستبحث عما يروي سعارها، وهذا لن يكون إلا بأن تكون حيث وساوس الشيطان وحبائله وخطواته، والنتيجة الطبيعية لذلك: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124]، إنها نهاية وخيمة مخيفة، غربة الإيمان في القلب، وسوء توفيق في الأعمال، وضيق في الصدر.
•- الثانية/ أجب بتجرد!؟
قد كُنتَ قبل إدمان النظر إلى هذه الفايروسات قريباً من مولاك، تنعمُ بدفء الأخلاق الحميدة، وتَتَقَلَّبُ بين أكف الأعمال الصالحة، ثم كانت لك التفاتة إلى سفاسف الأمور وسيئها، فإستبدلتَ البساتين الخضراء بالأرض الجرداء الموحشة، وإستغنيتَ عن مراقبة الله، بالنظر إلى الأفلام الإباحية، ومقاطع البلوتوث الخليعة، ومقاطع الفيديو كليب المنحرفة، والأغاني الماجنة.
ألم تسأل نفسك يوماً: ما الذي يدفعكَ لمشاهدة هذه المخالفات!! وما النتيجة التي حقَّقتها!!
أهي المتعة! أم شِدَّة الشهوة! أم تسلية وتمضية الوقت! أم لأن أصحابك يتداولونها!
والنتيجة أهي: ضعف إيمانك! أم هدر أوقاتك! أم محق البركة! أم التفريط في الواجبات! أم ظلمة في النفس! أم كل ذلك.
قف مع نفسك وقفة جادَّة ومتجرِّدة من هواك، واعلم أنَّ الله إن عَلِمَ منك نيَّة صادقة في التوبة، فسيهديكَ إليها بعون الله، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].
•- الثالثة/ إستحضر عظمة الله تسعد.
إستحضر عظمة من نطيعه أو نعصيه، عظمة جبار السموات والأرض، عظمة خالق الخلق، وباسط الرزق، تأمل خلق الأرض التي نحيا عليها، ببحارها، ومحيطاتها، وجبالها، وقاراتها، إنها في قبضته سبحانه يوم القيامة، السموات مطويات بيمينه سبحانه، هل تدرك أخي أختي عظمة خلق السموات! إنها كحلقة في فلاة، قطعة معدنية في صحراء بالنسبة إلى الكرسي -موضع قدمي الجبار سبحانه وتعالى-، فما أعظم خلق الكرسي!! والكرسي بالنسبة للعرش كحلقة في فلاة، فما أعظم خلق العرش!! «ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة» صححه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة، فإذا كان هذا عظمة المخلوق الضعيف، فكيف بخالقها وموجدها سبحانه وتعالى!!
•- وأخيراً: إستجب لنداء الإيمان
إنني ألمحُ نداءً إيمانياً يستصرخ أعماقك للعودة إلى منهج الله، ومحبةً لله لن تدعكَ طويلاً، لابد أن تعود ظلاً ظليلاً تقودك إلى منازل الأخيار الأبرار، إنني أرى الإيمان المتجذِّر في قلبك يناديك، يستدعي الأيام الجميلة في حياتك، ينتخي صفاء نفسك، وطهارة أصلك، إني ألمح في نفسك خيوط الفجر، ورايات النصر على نزغات الشيطان، إنني أرى فيكَ صحوة المارد الذي تململ من طول الرقاد.
اقرأ في سِيَر العظماء الناجحين، إجعل سيرتهم ماثلة أمام عينيك، ردد دائماً الإيحاءات الإيجابية، إننا بالإيحاءات الإيجابية نغرسُ في نفوسنا الأخلاق الفاضلة، والمعاني النبيلة، ونشجعها على سلوك طريق العفَّة والإيمان، ونباعد بينها وبين غوايات الشيطان الرجيم.
إنَّكَ في حاجة إلى تخلية وتحلية بشأن أصحابك، تَتَخَلَّى عن صحبة نافخ الكير، من كان عوناً للشيطان عليك، فهذا عدو في ثوب صديق، ويوم القيامة سيتبرأ كل أحد من الآخر، {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67]، والتزم حامل المسك، الرفقة الصالحة، من يعينك على فعل الخيرات، ويعينك على ترك المنكرات، من إذا رأى منك فتوراً أو تراخياً شدَّ من عضدك، وأعانك على تجاوز المنعطفات في حياتك.
إن رغبتك أن تكون مع من رضي الله عنهم، ستجعلكَ الأكبر من وَحل الأفلام الإباحية، والمقاطع الجنسية، وإيمانك بالله، وخوفك منه، سيغلبان فشلك في التغلب على نفسك الأمارة بالسوء، وعلى غواية الشيطان، بل إن نفسك ستمج هذه السلوكيات فهي بهيمية مغلَّفة بصور إنسان، شهوانية سيطرت على كل معنى للعفاف والطهر، عدوانية أرادتنا معشر المسلمين الموحدين أن نغفل عن حاضرنا ومستقبلنا ودنيانا وآخرتنا.
أنت في حاجة إلى قرار حازم إيماني بعدم مشاهدة هذه المقاطع الإباحية، بإزالتها من جهاز حاسوبك، أو من هاتفك النقال، بحاجة إلى حذفها من قائمة القنوات التي تتعامل بها، بل إلى تغيير نوع الستلايت الذي تستخدمه إن كان يعرض هذه الأمور، إلى وضع رقابة إيمانية ذاتية تمنع التعامل معها، إلى إستبدال أصدقاء السوء الذين تعاوروا عليك لهدم مستقبلك وضياع دينك ودنياك.
أنت بحاجة إلى أن تكون في رحاب أرحم الراحمين وخالق الخلق أجمعين، عُدْ إليه بتوبة صادقة، وعزيمة جازمة، ورغبة بأن تكون من أوليائه الذين رَضِي عنهم وأرضاهم، عد إليه فإنك تستطيع ذلك بإذن الله.
الكاتب: عادل بن سعد الخوفي.
المصدر: موقع المستشار.